دولة المماليك

يُقسم المُؤرخون الدولة المملوكيَّة إلى فرعين أو دولتين هُما: دولة المماليك البحريَّة ودولة المماليك البُرجيَّة. حكم
المماليك البحريَّة من سنة 648هـ المُوافقة
لِسنة 1250م إلى سنة 784هـ المُوافقة
لِسنة 1382م، وكان أكثرهُم من التُرك والمغول.[ْ 1][ْ 2] وحكم المماليك البُرجيَّة من سنة 784هـ المُوافقة
لِسنة 1382م إلى سنة 923هـ المُوافقة
لِسنة 1517م، وكانوا من الشركس.[1][ْ 3]والمماليك
أُصُولهم رقيقٌ مُحاربين، استقدمهم الخُلفاء العبَّاسيين الأوائل
من تركستان والقوقاز وغيرها وجعلوهم حُرَّاسًا لهم
وقادةً لِجُيُوش المُسلمين، وقد ازداد نُفُوذ المماليك بِمُرور الزمن حتَّى أصبحوا
يُهيمنون على الخِلافة وعلى مركز صناعة القرار، مُستفيدين من ضِعف الخُلفاء
وتراجُع نُفوذهم. وحذا السلاطين والأُمراء المُسلمين حُذو الخِلافة في بغداد، فكان
لِكُلٍ منهم جماعةً من المماليك الأشدَّاء والكفوئين عسكريًّا، ومن هؤلاء السلاطين
الأيُّوبيين الذين حكموا مصر والشَّام تحت الرَّاية العبَّاسيَّة. ولمَّا مات آخر
سلاطين بني أيُّوب، وهو الملكُ الصَّالح نجمُ الدين أيُّوب، سنة647هـ المُوافقة لِسنة 1249م، كتمت زوجته شجر
الدُّر نبأ
موته إلى أن حضر ابنه توران
شاه من الجزيرة الفُراتيَّة إلى القاهرة. وحاول توران شاه أن يُقدِّم مماليكه الذين
اصطحبهم معه من الجزيرة، فعيَّنهم في مناصب الدولة، فما كان من المماليك القُدماء
في مصر إلَّا أن ائتمروا به وقتلوه، ثُمَّ نصَّبوا شجر الدُّر سُلطانة عليهم في
سنة 1250م، وهي أوَّل امرأة وُلِّيت شُؤون المُسلمين.[1]
ظهر المماليك بِمظهر مُنقذي العالم الإسلامي من الضياع
والزوال بعد سُقُوط بغداد عاصمة الدولة
العبَّاسيَّة والخِلافة الإسلاميَّة في يد المغول بِقيادة هولاكو خان،
ومقتل آخر خُلفاء بني العبَّاس أبو أحمد عبد الله المُستعصم بِالله. فقد سار المغول لِغزو الشَام وهدَّدوا
مصر بِمصيرٍ مُشابه لِمصير بغداد كي لا تقوم لِلإسلام قائمة بعد ذلك، فأرسل
سُلطانُ المماليك سيفُ الدين قُطُز جيشًا
عرمرميًّا إلى فلسطين لِصدِّ
التقدُّم المغولي وحماية قلب الديار الإسلاميَّة، فهزم المُسلمون المغول في معركة عين جالوت بِشمال فلسطين سنة 1260م، وردُّوهم على أعقابهم.
أضف إلى ذلك، ورث المماليك عن الأيُّوبيين تصميمهم على مُحاربة الصليبيين وإجلائهم
عن المشرق،
لِذلك ما كادوا يفرغون من مُحاربة المغول حتَّى انصرفوا إلى مُحاربة الصليبيين.[1] كان الملكُ الظَّاهر بيبرس أوَّل من
تابع مسيرة الجهاد ضدَّ الصليبيين، فهاجمهم بعد انتصاره على المغول، فصارت مُدنهم
وقلاعهم تسقط واحدة بعد الأُخرى في يد المُسلمين، فقد استعاد بيبرس الكرك وقيسارية وصفد ويافا وجُبيل وعرقةما بين
سنتيّ 1263 و1266م، وفي سنة 1268م استعاد المُسلمون أنطاكية وزالت إمارتها الإفرنجيَّة من الوُجود.
وجاء السُلطان سيفُ الدين قلاوون يُكمل عمل
سلفه بيبرس، فاسترجع قلعةالمرقب في سنة 1281م، وطرابُلس الشَّام والبترون في سنة 1289م. وتُوفي السُلطان
قلاوون في سنة 1290م وهو يُهيِّء حملة لاسترجاع عكَّا، فقام
بهذه المُهمَّة بعده ابنه الملك الأشرف صلاحُ الدين خليل واستولى على عكَّا سنة 1291م. وقد أثار
سُقُوطها، وهي المرفأ الرئيسي لِلصليبيين، القلق والذُعر الشديدين في نُفُوسهم،
فجلوا عن المُدن الأُخرى الباقية في أيديهم، مثل صُور وصيداوبيروت، وركبوا البحر عائدين إلى
بلادهم، لِتنتهي بِذلك الحُرُوب الصليبيَّة بعد أن استمرَّت مائة وأربعًا وتسعين
سنة.[2] أعاد
المماليك إحياء الخِلافة العبَّاسيَّة في مصر بعد
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire